نشأة الدولة الفاطمية
الدولة الفاطمية أو الفاطميون هي إحدى الخلافات الإسلامية والدولة الوحيدة في الخلافة التي تتبنى المذهب الشيعي (ضمن فرعها الإسماعيلي) كتعاليم رسمية لها،
تم إنشاء الدولة بعد أن قام الدعاة الإسماعيليون بتأجيج نيران الحسيني ودعوا الناس للقتال باسم الإمام المهدي الذي ينتظرونه، والذين توقعوا أنها ستأتي في القريب العاجل، في زمن العباسيين، نجحوا في مناطق بعيدة عن مركز الحكم، بسبب الصيد العباسي واضطهادهم في الشرق العربي، فانتقلوا إلى المغرب حيث كانوا قادرين على جذب الجماهير بشكل خاص من قبيلة البربر كتامة والمطالبة بتأسيس دولة ورثت بعد حين.
شمل الفاطميون مناطق وأراضي شاسعة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بحيث امتد مداهم من المغرب العربي على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى مصر، ثم توسع الخلفاء الفاطميون أكثر فأخذوا صقلية والشام والحجاز، مما جعلهم دولة كبرى.
أصبحت الدولة أكبر دولة مستقلة عن السلالة العباسية ومن خصومها الرئيسيون على قيادة أرض الخلافة وقيادة المسلمين.
تختلف المصادر التاريخية في تحديد نسب الفاطميين حيث تشهد معظم المصادر الشيعية على صحة تصريح مؤسس السلالة، الإمام عبيد المهدي بالله، بأن نسب السلالة الفاطمية يمكن إرجاعها إلى محمد بن جعفر الصادق، لذلك هم علويون، من نسل الرسول محمد من خلال ابنته فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب رابع الخليفة، من ناحية أخرى، تنفي مصادر أخرى هذا النسب وينسبون أصل هذه الدولة إلى الفرس أو اليهود مسقط رأس عبيد.
تاريخ الدولة الفاطمية
أنشأت السلالة الفاطمية مدينة المهدية في إفريقيا عام 300 هـ وجعلتها عاصمة الدولة الوليدة، وفي عام 336 هـ أسست مدينة المهدية، وحولوا مركز الحكم إلى مدينة المنصورية، وعندما غزا الفاطميون مصر عام 358 هـ، أقاموا القاهرة شمال الفسطاط وأطلقوا عليها اسم العاصمة، فأصبحت مصر المركز الروحي والثقافي والسياسي للبلاد وظلت كذلك حتى انهيارها.
أظهر العديد من الخلفاء الفاطميين عدم التسامح مع تعاليم الإسماعيليين، لذلك عانى أتباع الطوائف والأديان الأخرى خلال فترة حكمهم، بينما عُرف البعض الآخر بتسامحهم الشديد تجاه جميع طوائف الإسلام وغير المسلمين فقد كانوا معروفين بقدراتهم للاستفادة من كل المكونات البشرية لبلدهم المنتمية لمجموعات عرقية مختلفة باستثناء المكون العرقي الرئيسي وهو العرب.
نهاية الدولة الفاطمية
يعتقد الكثيرون أن وفاة المستنصر بالله، الخليفة الثامن للسلالة الفاطمية، عام 1094، كانت بداية انهيار السلالة الفاطمية بسبب خلاف بين ابنيه على الإمامة من بعده، مما أدى إلى تقسيم الطائفة إلى قسمين.
قبل وفاته، قام الخليفة المستنصر بالله بتفويض المزيد من الشؤون العسكرية والحضرية وحتى الإسماعيلية إلى وزيره بدر الدين الجمالي، ليصبح السلطة العليا للسلالة الفاطمية.
وحل الشاب أحمد المستعلي محل نجله الأكبر نزار المصطفى إماماً ووريثاً للعرش في دين الله، يقال إن هذا بسبب الخلاف بين الأفضل ونزار، لأن الأفضل أراد أن يعيّن خليفاً شاباً ييسر إدارته كما يشاء، فنال رغبته، وأصبح المستعلي إماماً والخليفة على الدولة.
تسبب هذا القرار في حدوث انقسامات داخل الطائفة الإسماعيلية، حيث أكد بعض الإسماعيليين أن الانسحاب من الترشح باطل بسبب مخالفة مبدأ الإمام الإسماعيلي، واعتقدوا أن نزار هو الإمام الحقيقي، ولذلك يُدعى (الإسماعيليون النزاريون).
ونصبو نزار خليفة في القاهرة وبعدها هم بالذهاب إلى الإسكندرية مع أتباعه، بدأ صراع مسلح بين الشقيقين، وفي النهاية تم أسر نزار وسجنه في سجن القاهرة حتى وفاته.
وعندما وصل الظافر إلى الخلافة الفاطمية، اختلف مع الوزير شاور بن مجير السعدي، الذي سارع إلى طلب نور الدين الزنكي في دمشق للمساعدة، طلب وأرسل له جيش بقيادة أسد الدين شركوه واستلم الخلافة بعد انقلاب، وانقلب بعدها شاور على نور الدين فأرسل زنكي مرة أخرى أسد الدين شركوه للسيطرة على مصر وعين أحد القادة، وهو صلاح الدين الأيوبي، وزيراً لآخر الخليفة الفاطمي ناصر دين الله.
تمكن صلاح الدين الأيوبي من احتكار المزيد من السلطة، وأضعف مكانة السلالة الفاطمية حتى تم إلغاؤها تمامًا، وبدأ في إعادة نشر التعاليم السنية في مصر، ليصبح الإسلام الشرقي الذي يمثله الخلافة العباسية جزء من بغداد.
خلفاء الدولة الفاطمية
كان للسلالة الفاطمية تأثير كبير على التاريخ الإسلامي كله، وخاصة التاريخ المصري، حيث تقدم العلم والفن في عصرهم، وظهرت القاهرة في تلك الحقبة، وجاء الطلاب من جميع أنحاء العالم إلى هنا لاكتساب المعرفة.
بني فيه بيت الحكمة والأزهر، وانتشرت الكتب، وكسب الشعراء والأدباء المال، وارتبطت عادات وتقاليد كثيرة بالإضافة إلى طقوس الفاطميين في مصر، لا يزال تأثير الفاطميين حاضرًا في مصر خلال شهر رمضان والأعياد.
قال ويل ديورانت في “قصة الحضارة” إن مصر بدأت نهضة حقيقية من الأسرة الفاطمية، وبدأت الشخصية المصرية في الاستقلال وبدأت في النهوض من جديد بروح إسلامية جديدة.
في الواقع، يعتقد بعض المؤرخين الذين درسوا تاريخ المسرح العربي أن بذور المسرح بدأت تنبت في العصر الفاطمي من خلال ما يسمى بالمهرجين والأواني في احتفالات العصر الفاطمي.
تميزت السلالة الفاطمية بكل شيء من الإسراف والولائم، كما نرى المقريزي يشرح بالتفصيل احتفالات ومواكب الفاطميين، تذكر المصريون الموكب المهيب الذي امتطاه الخليفة ذات مرة في عيد ميلاد النبي، لذلك صنعوا حلويات تشبه الحصان.
وبحلول العصر الفاطمي عاد أقباط ويهود مصر للظهور مرة أخرى، وإذا استثنينا السنوات الأخيرة من حكم الحاكم بأمر الله، نجد أن باقي العهد الفاطمي هو العصر الذي فيه الأقباط واليهود تمتعوا بالحرية، وشغل بعضهم أرقى المناصب في البلاط الفاطمي.
قال ابن خلدون في المقدمة مع ظهور دولة الرافضة انقرض فقه أهل السنة في مصر، تلاه فقه أهل البيت، وسائر الفقه، حتى اختفت دولة العبديين من مصر بيد صلاح الدين يوسف الأيوبي، وعاد إليهم فقه الشافعي ورفاقه من أهل العراق والشام، وعاد إليهم خير الأشياء
خريطة الدولة الفاطمية
شمل الفاطميون مناطق وأراضي شاسعة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بحيث امتد مداهم من المغرب العربي على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى مصر، ثم توسع الخلفاء الفاطميون أكثر فأخذوا صقلية والشام والحجاز، مما جعلهم دولة كبرى.
الدولة الفاطمية PDF
كان العصر الفاطمي استمرارًا للعصر الذهبي للإسلام، لكن قصر الخليفة لم يكن مليئًا بالعلماء والكتاب اللامعين الذين سبقوه في بغداد، حيث أن جامع الأزهر وبيت الحكمة مركزان مهمان لنشر المعرفة وتعليم أصول اللغة والدين. ومن أشهر علماء هذا العصر هو عالم الطبيعة العظيم الحسن بن الهيثم وخبير في البصريات، وقد ألف أكثر من 100 كتاب في الرياضيات وعلم الفلك والطب. اضغط هنا
تدهورت السلالة الفاطمية بسرعة كبيرة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، لذا احتكر الوزراء سلطتهم على الثراء، وكان اختيار الخلافة بأيديهم وغالبًا ما كان هؤلاء الخلفاء أطفالًا أو صبيانًا، وكان عدد كبير من الوزراء على خلاف مع قادة الجيش وحكام المدن وموظفي المحاكم، وبالتالي كانوا يعيشون في جو من الشقاق والمؤامرات على موت الناس من الجوع وتفشي الأوبئة.
في ذلك الوقت، كانت الخلافة العباسية محمية من قبل السلاجقة، الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية استعادة الأراضي التي فقدها العباسيون للفاطميين، فقاموا بغزو الشام وساحلها، وسيطروا عليها لبعض الوقت قبل أن يستعيدها الفاطميون، لكنها لم تبق في أيديهم طويلا مثل الحروب الصليبية وصل الأول إلى الشرق، واحتل ملوك وأمراء الفرنجة مدن وقلاع بلاد الشام واحداً تلو الآخر، ووصل أحد الملوك، وهو الأموري الأول، إلى أبواب القاهرة وهدد بسقوط الدولة الفاطمية.
استمرت السلالة الفاطمية حتى عام 1171 م، عندما نال صلاح الدين الأيوبي الاستقلال في مصر بعد وفاة الخليفة الفاطمي الأخير أبو محمد العايد، وأزالوا سلطاتهم الاسمية بعد اختفاء صلاحياتهم الحقيقية منذ عهد الوزير بدر الدين الجمالي.
إنجازات الدولة الفاطمية
كان من أهم إنجازات الفاطميين بناء الجامع الأزهر الذي أطلقوا عليه اسم فاطمة الزهراء التي أقاموها في الأصل لمناشدة الطائفة الشيعية التي تبناها الفاطميون الذين قدموا منصب رئيس القضاة ليحكم بين الناس حسب الطائفة الشيعية، والجامع الأزهر وأول من شغل المنصب النعمان بن محمد المعين من قبل الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، وكانت العاصمة المهدية تصنع السفن الحربية بجميع أحجامها.
بعد انتقالهم إلى مصر، أقاموا منزلين آخرين في القاهرة، أحدهما في دمياط والآخر في الإسكندرية، كان أهم إنجاز لهم هو هزيمة القرامطة وإنهاء وجودهم إلى الأبد، على الرغم من أن الفاطميين والقرامطة ينتمون إلى المذهب الشيعي، وخاصة الإسماعيليين، إلا أن القرامطة فسدوا في الأرض وأجازوا دماء المسلمين من خالفهم حتى أتوا واعتدوا على الحجاج في المسجد الحرام وقتلوهم فيه وانتهكوا حرماته وسرقوا الحجر الأسود طيلة أكثر من عشرين سنة.
مؤسس الدولة الفاطمية
تختلف المصادر التاريخية في تحديد نسب الدولة الفاطمية حيث تشهد معظم المصادر الشيعية على صحة تصريح مؤسس السلالة، الإمام عبيد المهدي بالله، بأن نسب السلالة الفاطمية يمكن إرجاعها إلى محمد بن جعفر الصادق، لذلك هم علويون، من نسل الرسول محمد من خلال ابنته فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب رابع الخليفة، من ناحية أخرى، تنفي مصادر أخرى هذا النسب وتنسب أصل عبيد الله المهدي إلى الفرس أو اليهود.
الأسئلة الشائعة
من هو الذي قضى على الدولة الفاطمية؟
تمكن صلاح الدين الأيوبي من احتكار المزيد من السلطة، وأضعف مكانة السلالة الفاطمية حتى تم إلغاؤها تمامًا، وبدأ في إعادة نشر التعاليم السنية في مصر، ليصبح الإسلام الشرقي الذي يمثله الخلافة العباسية جزء من بغداد.
من هو مؤسس الدولة الفاطمية؟
تُنسب الدولة الفاطمية إلى الإمام عبيد الله مهدي، وتذكر النصوص الشيعية نسب السلالة الفاطمية إلى محمد بن إسماعيل، أي أنهم ينتمون للطائفة العلوية.
متى بدأت الدولة الفاطمية ومتى انتهت؟
أنشأت السلالة الفاطمية مدينة المهدية في إفريقيا عام 300 هـ وجعلتها عاصمة الدولة الوليدة واستمرت السلالة الفاطمية حتى عام 1171 م، عندما نال صلاح الدين الأيوبي الاستقلال في مصر
لماذا قضى صلاح الدين على الدولة الفاطمية؟
أراد صلاح الدين أن ينهي دابر الفتن، وأن يقطع شراذم البغي والفتنة والعدوان، ومدبري المكائد والمؤامرات فقد كانت الدولة الفاطمية شوكة في خصر دولة الخلافة العباسية في ذاك الزمان.
من إعداد فريق نبض العرب
المصدر : نبض العرب – قصص تاريخية