سقوط الدولة العثمانية
الدولة العثمانية و من السنن الكونية للدول والتي كررها التاريخ أن لابد لأي دولة مهما كانت قوية وجبارة أن يأتي عليها مرحلة ضعف وانهيار، وكذلك كانت الدولة العثمانية التي بقيت صامدة أكثر من 600 عام.
استطاع سلاطينها مقارعة الدولة البيزنطية والسيطرة على عاصمتها القسطنطينية إلا أنه رغم امتلاكها لمساحات شاسعة وثروات عظيمة إلا أنها آلت للسقوط في مرحلة عجزها وكسرها
لمحة عن الدولة العثمانية
بعد استقلال عثمان بن أرطغرل سيد قبيلة القايي عن الدولة السلجوقية استطاع تأسيس دولة بذاته ضم بعض القبائل التركية والقلاع التي منحه إياها سلطان السلاجقة بعد أن قام بفتحها وكان تأسيس الدولة في عام 1299 م وتسارعت الأحداث نحو الأفضل حتى وصل حفيد عثمان والسلطان السابع محمد الفاتح إلى حدود قسطنطينية وفتحها بعد حصار لعدة أسابيع فقط.
استطاع العثمانيون خلال فترة قوتها السيطرة على أوكرانيا والتوغل نحو المجر وفيينا وبسط السيطرة على البحر الأبيض المتوسط مما أزعج الدول الأوروبية التي امتلكت إرثاً من الدولة البيزنطية والرومانية وكانوا يحاولون استعادة أمجاد الحملات الصليبية.
مع تطور الدول والمرور بالعصر الحديث كان للدولة العثمانية منافسين جدد وهم إنكلترا وفرنسا وروسيا وكان لتحالف هذا الثلاثي دور كبير في سقوط الدولة العثمانية وتحولها للنظام الجمهوري بعد عقد معاهدة لوزان.
آخر سلاطين الدولة العثمانية:
في مرحلة السقوط التي امتدت قرابة 50 عام والتي سبقها أيضا مرحلة الانحدار، انشغل سلاطين الدولة بحل النزاعات الداخلية والصراع على الحكم فيما كان أعداء الدولة يزحفون نحو المدن الحدودية لاحتلالها أو بث الفتن بها
وقام بعض السلاطين مثل السلطان محمود خان بمحاولة كسب ود الأوربيين من خلال بعض الإصلاحات الشكلية التي حاول من خلالها جعل الدولة العثمانية على نمط الممالك الغربية من خلال اللباس والعلم، إلا أن ذلك لم يكن كافياً.
السلطان عبد الحميد الثاني آخر خليفة عثماني:
لم يكن السلطان عبد الحميد الثاني هو آخر السلاطين لأنه تنازل بالحكم لابن أخيه ولكنه كان آخر خليفة للمسلمين وانتهت مرحلة الخلافة بعزله ونفيه من عاصمته،
رغم نهج الإصلاح ومحاولة استرجاع أمجاد الدولة إلا أن قوى المعارضة كانت أقوى من ذلك في حين افتقد لوجود الحلفاء الأقوياء بجانبه.
قامت جمعية تركيا الفتاة والعديد من الحركات القومية التركية التي يدعي أنصار الدولة العثمانية أنها تلقت دعماً من الإنكليز بحركات تمرد واحتجاجات طيلة فترة حكم السلطان عبد الحميد ورغم فشل الكثير منها إلا أنه في ثورة مارس 1909 اختلطت الأمور بشدة.
وانقسم الجيش وأعلنت بعض الولايات انفصالها فين حين كانت الدولة تحارب على الجبهات كل هذه الأسباب وقفت في وجه السلطان عبد الحميد حتى تم خلعه من منصبه في نيسان من ذات العام وتم نفييه إلى منطقة سالونيك والمشهورة بأنها قاعدة الماسونية في تركيا، وهناك قال جملته المشهورة بعد عزله:
“عملتُ 33 عاما من أجل دولتي وشعبي، الله سيحاسبني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو من يحق له أن يحاكمني، سلَّمتُ هذه المملكة كما استلمتها، ولم أبِع شبرا واحداً من هذه الأرض، وماذا أفعل إذا كان أعدائي قد أرادوا تشويه كل خدماتي!، وقد نجحوا في ذلك”.
قد انتهت مسيرة العثمانيون التي امتدت لأكثر من 600 سنة، من عام 1299 وحتى 1923.
أسباب غير مباشرة لسقوط الدولة العثمانية:
كما درسنا في كتب التاريخ أن للسقوط أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة، ونقصد بغير المباشرة أنها الأسباب التي كانت داعمة لانهيار الدولة بالرغم أنها ليست هي المسبب الرئيسي للسقوط.
من هذه الأسباب ضعف السلاطين العثمانيين وعدم اكتراثهم بأحوال الرعية، ولكن لا نعمم الضعف على الجميع حيث كان لكل فترة مجدد يقوم باستعادة بعض الأراضي التي خسرتها الدولة ويقوم ببعض الإصلاحات الاقتصادية والسياسية.
تدهور الأحوال الاقتصادية في أراضي الدولة العثمانية،تفوق الغرب على الدولة العثمانية في امتلاك السلاح والتطور العسكري.
تفوق الغرب من الناحية العلمية والطبية،هل كان للعرب دور مباشر في سقوط الدولة العثمانية؟
من أحد أسباب كره الأتراك للعرب اتهامهم بأن للعرب دور كبير في سقوط الدولة العثمانية ولكن إذا تتبعنا التاريخ نجد أن القبائل العربية وبلاد الشام والعراق بقيت تحارب في صف الدولة العثمانية حتى الحرب العالمية الأولى.
ورغم قيام الشريف حسين بثورة عربية تهدف للاستقلال عن العثمانيين إلا أن الجيش العثماني الذي كان يحارب على حدود البلاد كان قسم كبير منه من العسكر العربي.
وحتى انفصال العرب بالحكم عن الدولة العثمانية لم يكن من خلال صراعات مسلحة كبيرة بل عبارة عن بعض المعارك أما غالبية المدن فتم تسليمها أو الانسحاب منها وحماية الجالية التركية الموجودة في المدينة.
خمسة أسباب مباشرة للسقوط:
الحرب مع الإمبراطورية الروسية:
وجدت الدولة العثمانية نفسها منجرة إلى الحرب مع روسيا بعد قيام بعض الجنود الموالين للمعارضة بمهاجمة الاسطول الروسي على البحر الأسود مما سحب الدولة العثمانية إلى حرب لم تكن مستعدة لها، وبسبب طبيعة الأراضي الروسية الباردة لم تستطع القوات العثمانية تحمل البرد القارص وقضي على الكثير من الجنود بدون إطلاق رصاصة واحدة.
حرب البلقان:
كان لهذه الحرب التي خسرتها الدولة العثمانية دور كبير في اضعاف الدولة حيث بقيت الحرب قائمة لأكثر من 3 سنوات استنزفت قوة العثمانيين وحاربت فيها جيوش دول البلقان وانتهت بخسارة المنطقة
تحالف فرنسا وإنكلترا وروسيا في وجه العثمانيين:
بعد نشوب الحرب العالمية الأولى وقت تركيا في جانب المعسكر الألماني الذي أمدها بالسلاح ورفضت العرض الإنجليزي، في حين دارت المعارك على حدود الدولة التي خسرت جزء كبير منها وخصوصا اليونان وشبه الجزيرة العربية خلال هذه الحرب وذلك بسبب وجود تحالف من أقوى 3 دول في ذلك الوقت.
الثورات الداخلية وانفصال الولايات:
مع مرور الزمن كانت القوميات غير التركية تتعرض للتهميش والظلم من الولادة الظالمين وكان أبناء هذه القوميات عبارة عن حطب لنار الحرب، كل ذلك أجبرهم للبحث عن فرصة للاستقلال عن الدولة العثمانية وكان الحليف الإنجليزي واليوناني جاهزاً لاستقبال أي أحد يريد الانفصال عن الدولة العثمانية بل وامداده بالمال والسلاح.
أحزاب المعارضة والقوميين الأتراك:
كان لحزب تركيا الفتاة والقوميين الأتراك دوراً كبيرا في انهاء الدولة العثمانية، كان ينادي القوميين بدعوة لنبذ القوميات غير التركية والاكتفاء بوطن يضم الأراضي التركية وعدم انشغال الجيش بمشاكل المنطقة العربية أو آسيا الوسطى، واتخاذ طابع علماني للدولة.
مصطفى أتاتورك وحل الدولة
في عام 1922 قام مصطفى أتاتورك بتأسيس جمهورية التركية على أنقاض الدولة العثمانية وعقد اتفاقية لوزان مع الحلفاء لإيقاف الحرب بعد خسارة أجزاء واسعة من الدولة، وتم نفي آخر السلاطين محمد السادس وإلغاء منصب السلطان والخلافة بعده.
من إعداد نبض العرب
المصدر : نبض العرب – قصص تاريخية
